يتصور الكثيرون خطأ أن مصطلح النفايات هو مصطلح سلبي، ولكن العكس هو الصحيح. والنفايات لها أهمية تجارية وصناعية وخاصة أن الموارد الطبيعية في تناقص مستمر وأسعارها في ارتفاع متواصل، ويمكن الاستفادة من النفايات بدلاً من التخلص منها. لذلك يجب إدخال برامج الاستفادة من النفايات البلدية في خطط التنمية والعمل على استخلاصها كمصدر طبيعي للصناعات المنخفضة التكاليف. إن الإسلام يدعو للعناية بالبيئة والنظافة ومن ذلك إدارة وتدوير النفايات، حيث قال النبي المصطفى محمد عليه الصلاة و السلام “إماطة الأذى عن الطريق صدقة”، وقال سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام “إن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”.
لذلك فالتعامل مع النفايات بشكل غير سليم يعتبر أذى ويأثم فاعلها، في حين أن إزالتها أو الاستفادة منها كتدويرها تعتبر صدقة ويثاب العاملون عليها. ويتطلب الاستثمار في تدوير النفايات استراتيجية شاملة تشترك فيها مؤسسات القطاعين العام والخاص ذات العلاقة بالنظافة العامة والنفايات والصحة العامة وحماية البيئة والأجهزة الاقتصادية المختصة بهدف معالجة النفايات والاستفادة منها، بالإضافة إلى متابعة الدراسات في مجال تدوير النفايات وإعادة استخدامها في الصناعة، والقطاع الخاص هو الأكثر مقدرة وتأهيلاً للاستثمار في مجال تصنيع النفايات. ويعتبر المستثمر ورأس المال وتكاليف الضمان من المعايير المهمة التي تؤخذ بعين الاعتبار مالياً. ومعظم الكلف العالية ناتجة عن الاستخدام غير الفعال للمصادر نتيجة هدر في تكلفة المواد الخام والطاقة بالإضافة إلى عدم كفاءة التشغيل والمعالجة وزيادة تكاليف الدعاوى القضائية
الدراسات التسويقية
إن الدراسات التسويقية لها أهمية كبيرة في عملية الاستثمار في مجال النفايات. وهذه الدراسات يمكن اتخاذها أساساً لتحديد الطاقات الإنتاجية للمشروعات. ويمكن أن تسهم الدولة في مشاريع معالجة النفايات عند تحويلها إلى القطاع الخاص من خلال طرق متعددة وهي؛ القروض، المساعدة الفنية، المساهمة في رأس المال، استئجار المعدات، البيع الآجل مع تقسيط الثمن. وتأخذ النفايات النصيب الأكبر من ميزانية البلديات والهيئات المحلية المعنية وخاصة أن السكان في ازدياد وبالتالي ازدياد كميات النفايات، وتدوير النفايات يقلل من هذه الميزانية.
الاستفادة من النفايات
تتوفر عدة طرق لاسترجاع المواد المفيدة من النفايات الصلبة وإعادة الاستفادة منها، ومن هذه الطرق: الفرز المغناطيسي حيث توضع النفايات على سير متحرك يتعرض إلى مادة مغناطيسية تجذب إليها المعادن القابلة للجذب المغناطيسي. والفرز الهوائي حيث يتم عزل النفايات حسب كثافتها وحجمها، وتقذف النفايات في الهواء ليتم عزل المواد المتشابهة حسب مسافة القذف. وكذلك يتم عزل النفايات حسب مكوناتها لإعادة تصنيعها بعد كبسها، حيث تعاد السيارات القديمة إلى مصانع الحديد والصلب، الزجاج المكسور إلى مصانع الزجاج، الأخشاب إلى مصنع الخشب المضغوط، الأوراق القديمة والنفايات السليلوزية إلى مصنع الورق، نفايات اللدائن إلى مصنع اللدائن، علب الألمنيوم، والنفايات العضوية إلى وحدة توليد الطاقة والتحويل الحيوي (الكمبوست). ويمكن الاستفادة من فضلات الشحوم في صناعة الصابون والشموع وزيت التشحيم. ويستفاد من العظام والشحوم والريش بعد معالجتها كغذاء للحيوانات. ويمكن الاستفادة من قطع الأثاث المنزلي ذات الحجم الكبير في إعادة استخدامه ونقله من قبل شركات أو أشخاص متخصصين
وتواجه عملية استرجاع المواد من النفايات مشكلتين رئيسيتين وهما؛ تفضيل استخدام المواد الخام على المسترجعة، وارتفاع كلفة فصل وتجميع ونقل ومعالجة المواد المسترجعة. وأحياناً يتم إعادة استعمال النفايات بدون الأخذ بعين لاعتبار تأثيراتها الصحية، فمثلاً استخدام الصحف لتغليف الأطعمة، استخدام صناديق الكارتون المستعملة للتغليف لأغراض أخرى، استعمال المنسوجات المسترجعة في حشو المفروشات، إرجاع القناني التي استخدمت لأغراض أخرى، واستعمال رقائق اللدائن في التغليف. وأحياناً يتم فرز المواد الغذائية وبعض المواد العضوية ليتم طحنها وتقديمها كغذاء للأسماك والحيوانات
فرز وفصل النفايات
إن فصل المواد من المصدر له فوائد أهمها، أن المواد تبقى نظيفة وغير مختلطة بغيرها من المواد، وهو أمر يتطلب تعاون السكان. وأهم المواد التي يمكن فصلها من المصدر هي الورق والقناني الزجاجية واللدائن وعلب الألمنيوم والمطاط والحديد. ويتم على نطاق ضيق في بعض مدن المملكة العربية السعودية فصل المواد من المصدر وأهمها الورق
وعملية الفصل المركزي للنفايات تستخدم عادة إحدى الطرق التالية؛ تيار الهواء، الطفو، المطرقة الدوارة، الغربلة، والفصل الإلكتروستاتيكي. وأهم مشاكل الفصل المركزي هو تلوث المواد بالنفاياتوتتم عملية الفصل عادة في مصنع فرز النفايات، حيث يجري فيه فرز النفايات المخلوطة قبل إرسال كل مادة مفروزة إلى مصانع الإنتاج بالنسبة للزجاج والورق والألمنيوم والحديد، أو إلى مصانع التدوير بالنسبة للسماد العضوي واللدائن بأنواعها المختلفة. والمتبقي من الفرز يتم معالجته والتخلص منه عن طريق الدفن الصحي أو محطات الترميد. ويتم تجميع النفايات في الدول وما يتبقى بثلاث طرق رئيسية وهي: التجميع المنزلي بعد الفرز، التجميع في المراكز التجارية والأحياء والحدائق العامة، ومراكز التجميع المركزية
وهناك نفايات منزلية يتم فرزها لكونها نفايات خطرة كالبطاريات والأصباغ. ويتم جمعها من المصدر أو نقلها إلى مواقع جمع النفايات المنزلية الخطرة، وهذه النفايات ليست لها علاقة بالنفايات الصناعية الخطرة
التدوير عمليات مترابطة
يمكن تعريف التدوير بأنه عدة عمليات مترابطة بعضها ببعض تبدأ بتجميع المواد التي بالإمكان تدويرها ومن ثم فرزها حسب أنواعها لتصبح مواد خام صالحة للتصنيع ليتم تحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام. وأهم النفايات القابلة للتدوير، الحديد والألمنيوم والورق والزجاج واللدائن (البلاستيك) والخشب والنفايات العضوية كنفايات الطعام. ويتم فيه معالجة مكونات النفايات لإنتاج مواد أو منتجات قابلة للاستعمال مثل صهر معادن الخردة والأدوات الزجاجية وعجينة الأوراق المكتبية. وعملية الفصل يمكن أن تتم من المصدر حيث تقوم ربات البيوت مثلاً بوضع كل نوع من النفايات في صندوق خاص، فهناك صندوق خاص للقناني الزجاجية وصناديق للدائن، والأوراق، والقطع المعدنية وأخرى لنفايات الطعام. وقد يتم فصل المواد المختلفة في مراكز التجميع أو قرب المدافن الصحية حيث تستخدم الآلات والتجهيزات لفصل المكونات الرئيسية للنفايات بشكل ميكانيكي أو باستخدام الهواء أو بواسطة التعويم بالماء أو بالفصل الكهربائي والمغناطيسي. وقد يتم الاستفادة أو التخلص من هذه المواد المفصولة في عمليات أخرى مثل التحويل الحيوي (الكمبوست) أو حرقها
والتدوير يؤدي إلى التقليل من اعتماد المصانع على المواد الطبيعية كخامات أساسية لمنتجاتها مما يؤدي بالتالي إلى التقليل من استنزاف تلك المواد الطبيعية. ومن الفوائد البيئية والاقتصادية في تدوير النفايات نذكر؛ التقليل من تلوث البيئة نتيجة التخلص من النفايات عن طريق الدفن أو الحرق، المحافظة على المواد الطبيعية، وتقليل الاعتماد على استيراد المواد الأولية، توفير فرص صناعية جديدة لأصحاب رؤوس الأموال وتوفير فرص عمالة جديدة، وتوفير الطاقة. ومن أهم الصناعات التي تعتمد على النفايات المنزلية؛ السماد العضوي والورق والزجاج والحديد والألمنيوم واللدائن والخشب
ونظراً لصعوبة تصنيف اللدائن الموجودة في النفايات البلدية تصنيفاً دقيقاً يتم فرزها يدوياً حسب أشكالها وحسب البوليمر الرئيسي المكون لها. إن اللدائن المعاد تدويرها من النفايات البلدية يمنع عالمياً استخدامها في تغليف وتعبئة المواد الغذائية بسبب الملوثات التي يمكن أن تكون عالقة بها. وحصل تطوير في تقنيات معالجة نفايات اللدائن وإعادة تدويرها
والأساليب الجيدة في التجميع لغرض التدوير هو إنشاء مراكز تجميع بالأحياء السكنية وذلك باستقطاع مساحة صغيرة من الحدائق في الأحياء تكون مجهزة لاستقبال المواد القابلة للتدوير وشرائها بسعر رمزي وكبسها لتسهيل شحنها، ووضع حاويات تجميع بالقرب من المراكز التجارية على أن يقوم أقرب مركز تجميع بتجميعها، مع إلزام المطاعم والمراكز الأخرى بإرسال المواد بعد فرزها لأقرب مركز تجميع.
تقليل النفايات
ويمكن تقليل تعريف النفايات من المصدر بأنه تخفيض النفايات قدر الإمكان. ولكن تدوير النفايات هو استعمال النفايات بدل المواد الخام في مصانع الإنتاج. وكلتا الحالتين تقللان النفايات الذاهبة إلى مواقع الدفن وبالتالي الإدخار المالي والمادي وتوفير الطاقة. وعلب الألمنيوم مثلاً يمكن إعادة تدويرها لمرات عديدة. والتقليل يعني أي أسلوب يؤدي إلى تقليص النفايات فهو يتغير من تقليص استخدام الأوراق المكتبية والقرطاسية إلى التغير في العمليات الصناعية للوصول إلى ناتج أقل نفاية، فمثلاً استخدام عصير مركز بدلاً من عصير مخفف داخل العلب.
استرداد الطاقة
إن الحصول على الطاقة من النفايات هدف اقتصادي مهم فضلاً عن التخفيض في حجم النفايات. وتعتمد كمية الطاقة الناتجة على مكونات النفايات ونسبة الرطوبة والطاقة الحرارية الكامنة. وتتراوح نسبة المواد القابلة للاحتراق في النفايات بين 70%-80% من وزن النفايات. وعادة تستخدم طاقة النفايات لأغراض التسخين وتوليد الكهرباء وينخفض الحجم إلى حوالي 5%-10%. ويمكن إنتاج الوقود الصلب بتقطيع النفايات إلى أحجام مختلفة باستعمال تيار من الهواء أو على شكل ألياف على هيئة مسحوق.
الاستثمار في تدوير النفايات
إن إعادة تصنيع النفايات يعتبر الحل الأمثل للتخلص من النفايات بيئياً ويعود بالنفع الاقتصادي عند توفر رأس المال والتكنولوجيا والأيدي العاملة المدربة. ومن فوائد تدوير النفايات بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة من التلوث، تخفيض ميزانية عقود النظافة، خلق فرص استثمارية بسبب توفر المواد الخام، خلق منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم، وإحلال بعض المنتجات البديلة مثل إحلال منتجات لدائن بدل منتجات الخشب. إن معظم تكاليف تشغيل برنامج الفرز من المصدر ناتجة عن تجميع النفايات المفروزة وتشغيل مركز الفرز.
ويمكن بيع الورق معبأ في أكياس. ويفضل تصنيف الورق حسب درجته مثل ورق الصحف والكرتون والكتب والورق المخلوط. وتقسم المعادن الحديدية حسب درجاتها وأهمها صفائح الصلب الرقيقة وحطام المكائن الثقيلة والحديد الزهر. والمحتوى الرئيسي من المعادن الحديدية في النفايات يتكون من علب الصفيح والقناني الفارغة. أما المعادن غير الحديدية فتحتاج إلى مهارة يدوية لتصنيفها وأهمها الألمنيوم والنحاس والرصاص والزنك، وتعتبر عالية القيمة عند بيعها. والمنسوجات كالملابس الصوفية يمكن إعادة استعمالها أو تدويرها لصناعة البطاطين، والسجاد يستخدم في صناعة المواد العازلة للأسقف، والمنسوجات تباع مباشرة دون خزنها. ويفضل إرجاع القناني الزجاجية الفارغة إلى منتجيها الأصليين. والزجاج المكسور يتم غربلته ليكون خالياً من الشوائب. ومن أساليب تشجيع التدوير منع استخدام أدوات تعليب تستخدم أكثر من مادة واحدة لتسهيل عملية تدويرها، وكذلك جعل المنتجات تحتوي على أقل ما يمكن من مواد لتسهيل فرزها وسوق نفايات اللدائن في اتساع لوجود استخدامات مختلفة لها. إن معدن الألمنيوم المسترجع من النفايات له أهمية اقتصادية كبيرة، حيث وجد في أوروبا أن معظم الاحتياجات من الألمنيوم تتم من المواد الخام الثانوية مثل النفايات وفضلات العلب والتقطيع
وأهم فائدة للفرز من المصدر هي الحصول على نتائج جيدة وأسعارها عالية نسبياً في سوق المكاتب والكرتون والزجاج والألمنيوم واللدائن والمطاط. ويحتاج الفرز من المصدر إلى كلفة أقل من رأس المال الذي يستخدم لإنشاء مخزن لتجميع النفايات المفروزة وأحياناً تكون سيارة تجميع. وعلى العكس فإن كلفة رأس المال لمجمعات الفرز المركزية تتطلب منشآت كبيرة ومعدات معقدة للتمزيق وناقلات. ومنشآت الفرز من المصدر يمكن تغيير حجمها حسب الرغبة وهي تستهلك طاقة أقل في التشغيل. وطريقة الفرز من المصدر مناسبة جداً للمجتمعات البعيدة عن مواقع الفرز المركزية وتحتاج لنفسها سوق مواد ثانوية، وهي مناسبة للتجميع من قبل الجمعيات الخيرية. وهي أكثر الطرق اقتصادية ومفضلة للبلديات لأنها لا تحتاج إلى نقل النفايات ودفنها في مواقع الدفن. ولكن تحتاج البلديات إلى مشاركة فاعلة من قبل المجتمع وإيجاد أسواق مستهلكة لهذه المواد بشكل مستمر. لذلك فهذه الطريقة تحتاج إلى تعاون الجمهور لإنجاحها. ووجد أن أكثر الناس رغبة للفرز من المصدر هم المتأثرون سلبياً من المدافن الصحية
تكلفة برنامج الفرز
إن معظم تكاليف تشغيل برنامج الفرز من المصدر ناتجة عن تجميع النفايات المفروزة وتشغيل مركز الفرز. والتجميع إما يتم بواسطة مركبات الفصل أو مركبات تجميع النفايات البلدية المحورة لجمع النفايات المدورة وهي أرخص من الأولى ولكن تجميعها أقل. ولوحظ أن أسعار النفايات المدورة قابلة للتغير بشكل سريع. ووجد أن إعادة تجميعها أقل. ولوحظ أن أسعار النفايات المدورة قابلة للتغير بشكل سريع. ووجد أن إعادة تدوير الأوراق له جدوى فنية واقتصادية. ولوحظ أن الطاقة المستخدمة لإنتاج حديد من المادة الخام أكثر من 2-4 مرات من الطاقة المطلوبة من مواد التدوير، وتصل إلى 20 مرة في حالة الألمنيوم. ولهذا السبب فإن نفايات الألمنيوم المدورة تكون مرغوبة من قبل المصانع المنتجة. ونفايات اللدائن المدورة هي الأكثر تعقيداً ولذلك فهي غير مرغوبة في استخدامها كبدائل للمواد الخام من قبل المصانع المنتجة نسبة لنفايات المواد المدورة الأخرى. ويسهم تدوير النفايات في التقليل من تلوث الهواء والمياه نتيجة التقليل من تصنيع المنتجات وبالتالي التقليل من كلفة معالجتها. وتقلل النفايات من الأيدي العاملة اللازمة للصناعة
وبالنسبة للعلب والقناني غير القابلة للتدوير يمكن فرض ضرائب على بيع محتوياتها لموازنة كلفة إدارة نفاياتها. وبالتالي تصبح العلب والقناني القابلة للتدوير أرخص من مثيلاتها غير القابلة للتدوير مما يشجع على شرائها